الصوت
والصدى
بقلم /
عزة أبو العز
وأنا فى
غمرة فرحتي وانبهاري بتاريخ الأجداد فى محيط مجمع الأديان بمنطقة مصر القديمة فى
حضن القاهرة العريقة إذا بى أسمع صدى صوت واهن يهمس فى أذنى .
ظننت
للوهلة الأولى أنه صوت المرشدة السياحية التى تشرح لى ولأطفالى الصغار محتويات
المتحف القبطى من أعمدة ومخطوطات ومجلدات وعملات نادرة وأيقونات معلقة وبعض من
متعلقات القبطى القديم من المنسوجات والملابس وأدوات الزينة وأدوات الطهى القديمة
ولكنى انتبهت أن مرشدتنا الجميلة شابة قبطية شديدة الرشاقة والحيوية وصوتها جميل
وقوى ولا يمكن أن يكون ما سمعت صدى لهذا الصوت المعبر الفتى –
أبتعدت
خطوات قليلة عن أطفالى الصغار وإذا بصدى الصوت يتضح لى أكثر فأكثر وهذه المرة تعمدت السكون التام
والبعد عن دوشة أطفالى ومرشدتنا الجميلة فأتضح الصدى حتى أضحى قريباً منى وكما
الهامسة فى أذنى قائلة :
هذا هو
كنزكم الثمين , فى هذا المربع يوجد المتحف
القبطى والكنيسة المعلقة وجامع عمرو وحصن بابليون والمعبد اليهودى .
رددت
همساً --- نعم سيدتى
فقالت :
ألا يعنى هذا لك شيئاً يا محبة النشء الجميل .
ارتاح
قلبى لهمسها ورددت بينى وبين نفسى ---
نعم يعنى لى الكثير أن بلادى هى أرض الأديان ومهد الحضارات ويندر أن يوجد فى الكون
مكان مثل هذا يعد رمزاً للتسامح وإلتقاء
للديانات .
فازداد
الصدى اقتراباً ووضوحاً من أذنى حتى أصبح صوتاً قوياً أقتحم عقلى وهز كيانى .
إذاً
عليكم بالحفاظ على كل هذا من عبث الكارهين لتميزكم الجميل .
رددت
عليها --- من يستطيع أن يعبث بتراثنا سيدتى ؟ فمن يفعل ذلك إما معتوه أو لئيم –
ولن نسمح له بذلك أي كان وصفه من الوصفين .
ردت بغضب
: وماذا فعلتم ( كل أبنائي ) عندما عبث هذا المعتوه اللئيم بحضارة الرافدين ---
ضاعت العراق وأضحى العراق الحزين وتمزقت أوصاله تحت مسميات وشعارات الكذب والتضليل
{ الحرية والديمقراطية } الزائفتين وقبله ضاعت فلسطين .
انكفأت
على ذاتي وشعرت أننى لم أعد استطع أن ألتقط أنفاسي وتجولت بنظراتي على كل محتويات
المتحف القبطى وتخيلت لثوان قليلة ضياع كل
هذا الإرث الانسانى العظيم وإذا بى أنتفض من كبوتى النفسية صارخة بينى وبين
نفسى---
يا الله
ماذا سيحدث لأطفالى الأبرياء هؤلاء إذا طمع العابث اللئيم فى كنز أجدادى الثمين
؟وفى أقل من جزء من الثانية مر أمام عينى شريط التشرد والبشاعة والقتل لأطفال
العراق واليمن وسوريا وفلسطين –
تذكرت أن
هؤلاء الأبرياء هم من يدفعون الثمن وخونة الأوطان هم من يقبضون الثمن ثم يرحلون
تاركين الديار للخراب والدمار اللعين وجثث الموتى فى كل مكان تنبعث منها روائح
العفن لأنهم لم يجدوا حتى من يوارى سوءاتهم التراب فى زمن الخيانة الكبير .
فسمعت
صراخ الصدى فى أطفالى قائلاً:
-
من منكم يود أن يكون كالفاروق عمر كى يحرر فلسطين
-
من منكم يود أن يكون كما صلاح الدين كى يحرر العراق الحزين
-
من منكم يود أن يكون كالمختار كى يعمر ليبيا من جديد ويزرع فيها الأمل
-
من منكم يستطيع أن يحقق نصراً عظيماً مثل نصر اكتوبر 73
وإذا بهم
فى لحظة واحدة وصوت واحد يرددون – كلنا كلنا سنصبح جنوداً فى جيش العزة جيش مصر
العظيم وسنحرر الأوطان من كل معتد أثيم .
وقفت
مذهولة أنا والمرشدة .
لم
أسألهم – فكيف استطاعوا أن يردوا على صدى الصوت ؟
فهمس لى
الصدى مجدداً ومبتسماً –
إنه صوتي
أنا صوت الحق والعدل الأبدي – أخبريهم وأنت على يقين أننى أنا
{ و- ع }
سأظل أناديهم حتى يظهر من بينهم القائد والفارس الشجاع الأمين
أنا
صوتهم الأعلى – أنا { و- ع }
القاهرة
25/ 3/ 2016