يارب يا
الله
كم من
الوقت مضى منذ زيارتك الأخيرة "
إننى من طول غيابك هذه المرة أصبحت فاقدة الإحساس بالزمن فى كل يوم
أستحضر وجهك .. فى كل ثانية أراك معى .. أتكلم معك أناقشك .. أجادلك .. أشاكسك ..
وأنت قابع جوارى فى النهار .. أغلق يداى بشدة عليك لا أشعر إلا وأنا أضغط على صدرى
أنا فأفيق .
فى هذه
اللحظة فقط .
فى هذه
اللحظة أعرف أنك لست معى .. أشعر أنك غبت كثيرا كثيراً ..هذه المرة
لماذا غبت عنى ؟ أشعر أننى شحنة من إحساس مضطرب مبهم كانت حياتي سعيدة
يوماً ما ولكن يبدو لى أن شيئاً غير طبيعي حدث أسأل نفسى لماذا تشتت شملنا ولا
أدرى لماذا لا أستطيع أن أقنع نفسى أن
غيابك عنى شيء طبيعي .. إنه يبدو لى شيء طبيعي .. إنه يبدو لى شيئاً غريباً مبهماً
عصياً على الفهم ولم تستطع نفسى أن تتحمل هذه القسوة المميتة من الحياة .
هذه الحياة التى تفرق بيننا وبين من نحب ثم تختار لكل واحد طريقاً يمشى فيه مرغماً لا أستطيع أن أنسى هذه
الحقيقة . كان شعوري بغيابك عنى يتملكني وشعوري بهذه الحقيقة يفزعني ويخجلني .
وكنت أعرف بينى وبين نفسى أننى حساسة جداً وأرغب أن تبقى معى . الآن أشعر برغبة خاصة فى أن
تكون معى وأشعر أيضاً أنك ستغيب طويلاً وأحس فى أعماقي عشرات النزعات
الجامحة تتوالد ويبدو أنها لن تكف عن توالدها حتى نهاية حياتي .كنت أحياناً أكافح
هذه النزعات حتى لا تخرج من نور صدرى إلى ظلام الحياة وأحياناً أخرى أضعف وأنساق
معها فى تيارها القوى لكنني كنت دائماً
أذكر أيامنا القليلة السعيدة كنت أعيش فى البيت ألهو وأمرح ويبدو لى أملاً براقاً
فى أن ألقاك فأحلم بأن يجتمع شملنا مرة أخرى وتعود الأيام الجميلة نجلس معاً ونأكل
معاً ونضحك معاً .
***
فى كل
يوم أظل فى جلستي حتى تغرب الشمس أذهب وأعود فى مساحة بين الباب والشباك أنظر إلى
الشوارع وأعود أقرأ الصحف وأدفن عيوني بين سطور الكتب لكن عقلى وقلبي يبحثان عنك .
***
أيام وليالي وأنت لا تعود فمضيت أضرب فى الطرقات الهادئة على غير هدى
أشعر بشيء غير عادى ووجدتني أخطو بلا وعى فى طرقات الحي الذى كنا فيه هبت على
نسمات مشبعة بالذكريات العزيزة هناك غير بعيد من هنا عشنا أسعد أيام حياتي قبل أن
تشتت شملنا رياح الحياة العاصفة كان الظلام والهدوء يشملان المكان كله إلا بصيص من أضواء خافتة تشع من
خلف بعض النوافذ المغلقة أحسست بالحنين يقود خطواتي إلى هناك فى هذا المكان كنا
معاً اقتربت منه لمسته بيدي فازدادت نبضات قلبى واعتصرني الحزن كم وددت أن أقبل
هذه الصخرة وشعرت برغبة فى البكاء ,
المكان مظلم لا ضوء فيه وأخذت أتصور كل شيء قضينا فيه أسعد أيام العمر هنا جلسنا
نأكل ذات مرة فى هذا المكان ظللت واقفة أحملق فيه قلبى ينبض بالحب لكل ذرة رمل فيه
فهى تحمل رائحتك من جديد وجدت نفسى وحيدة والليل يتقدم إلى قلبى وجدتني أدق على كل
الأبواب وأسأل كل من يعرفونك وأسأل من لا يعرفونك فقالوا كان هنا ولكن لن يعود إلى
هنا فقد ذهب فى رحلة لا رجوع منها لقد استشهد .. لا لم يمت إننى ألف أعرف أن حبيبي
لا يموت , أن النهار لا يموت أن الشمس ستظل فى قلب السماء باقية خالدة لا تموت أن
الحلم سيظل يضيء فى عيون الصغار ولا يموت . أن صلاح الدين الذى تكون منك فى لا يموت ..
***
فى هذه اللحظة تمنيت .. ولأول مرة أتمنى المستحيل .. تمنيت أن يمنحني
الله قدرة سليمان لخمس دقائق أسأل فيها عنك الريح .. والطير وأوراق الشجر ..شيء خفي
فى داخلي يخبرني أنك ما زلت حياً ..
يارب ..يارب ..ياالله .
صدى البطل
أيمن فايد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق