بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، نوفمبر 13، 2016

أخى المسلم .. هل أنت إنسان ؟دعوة السماسيرى الفكرية والأخلاقية من أجل خير أمة أخرجت للناس ** بقلم ** عزة أبو العز



** أخي المسلم .. هل أنت إنسان ؟**
دعوة السماسيرى الفكرية والأخلاقية من أجل خير أمة أخرجت للناس  .
بقلم / عزة أبو العز
فى ظل الظروف الراهنة التى  تمر بها أمة اقرأ من تشتت فكرى وتردى أحوالها المعيشية والمجتمعية فى كثير من بلدانها , يظل دائماً وأبداً الكاتب والمفكر بمثابة مصباح الهد ايه وشعلة التنوير  ولاسيما إذا كان هذا الكاتب والمفكر يستند فى رؤاه الفكرية إلى أعظم الدساتير الكونية – القرآن الكريم – ويتخذ من سيرة أشرف الخلق خير قدوة للعالمين.. وباطلاعي على كتاب أخي المسلم .. هل أنت إنسان ؟ أجدنى أمام هذا الصنف من العقول المهمومة بقضايا مجتمعها .. الحاملة على عاتقها أمانة الكلمة القادرة على تحريك ركودنا الفكرى بشكل جديد ومغاير عما هو متعارف عليه .. ذلك هو الدكتور محمود يوسف السماسيرى أستاذ مساعد بكلية الإعلام فى جامعة اليرموك و مفكر وأستاذ جامعي مصري منشغل بكيفية إعادة بناء الفكر الإسلامي على أسس معرفية جديدة ولأن إيمانه بأفكاره راسخة ومتعمقة بداخلة , أنشأ الدكتور السماسيرى مع مجموعة من المهمومين   بشأن الأمة الإسلامية مؤسسة – المجمع الدولى لإعادة بناء الفكر الإسلامي بالقاهرة – ويأتى كتابه الذى بين أيدينا اليوم .. بمثابة صرخة قوية يجب أن ينتبه لها كل عقل وإن كنت أرجو أن تنتبه لها المؤسسات المعنية فى الدولة المصرية على وجه  خاص والمؤسسات الفاعلة والمعنية داخل بلداننا العربية بوجه عام .. فدعوة الدكتور السماسيرى تخرج من الحيز الذاتي الضيق إلى الحيز الكوني الواسع بما تحمله من أسئلة ورؤى عميقة تهدف إلى ضرورة وجود مجتمع عربى وإسلامي أفضل حالاً مما نحن عليه الآن .
(( العنوان الصدمة ))
منذ البداية يضعنا د محمود السما سيرى فى مواجهة مع النفس والمجتمع والواقع المرير , بداية من العنوان الصدمة { أخي المسلم.. هل أنت إنسان }
عنوان صادم ومروع ودال أيضاً على كثير من المشكلات التى تحول بين المرء وإنسانيته .
وبالرغم من أن استخدام المصطلح بهذا العنوان الصادم إلا أنه بمثابة جرس الإنذار ..فمنذ المطالعة الأولى على عنوان الكتاب يضعك الكاتب أمام نفسك قبل أن يضعك أمام أى شيء أخر .. فهل أنت إنسان ؟
عنوان إشكالية فى حد ذاته فهو يضعنا جميعاً بلا استثناء على أعتاب صدام ونقاش مجتمعي حتى قبل بداية عرض القضية برمتها . واعتقادي أن مثل هذه العناوين الصادمة غالباً ما تصدر عن عقل مفكر أكثر من كونه كاتباً عادياً يمتهن مهنة الكتابة .
المقدمة
لا تختلف مقدمة الكاتب كثيراً عن عنوانه الصادم فهى بمثابة تشريح لواقع أليم ووصف لمسالب كثيرة تعانيها أمة الإسلام فى سلوكيات أبنائها وتخاذلهم وتواكلهم ونسبهم لأنفسهم مالم يقوموا به من أعمال , موضحاً البعد الشاسع بين الحال التى وصل إليها أبناء الأمة الاسلامية وما كان يجب أن يكونوا عليه وهنا لا يتركنا الكاتب كثيراً فى متاهة الحيرة من أمر المسلم بل يضعنا أمام أنفسنا مرة أخرى كما الطبيب الذى وضع يده على الداء ويصف ما كان يجب أن يكون   عليه حال المريض بوصفه من هم { المؤمنون حقاً } ص 10 فى قوله تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم . ( الأنفال 2-4 )ويقر لك بأن هذه الآيات فاصلة فى الحكم عليك فإذا فعلت الموبقات , هل يجوز لك أن تقول أنك مسلم بحق؟
ثم يقذف بسؤال آخر فى وجوهنا ( ص11) عندما يضع يده على داء آخر هو ذلك المسلم الذى يصوم ويصلى ويزكى ويقيم موائد الرحمن العامرة بل ويحج بيت الله الحرام ثم يخرج بعد هذه الأفعال الطيبة  عائداً إلى موبقاته سالفة الذكر من { غش – وكذب – وسلوكيات مشينة --- الخ }
وفى مواجهة آخرى يقر الكاتب بحقيقة مؤلمة حينما يتجرأ المرء بسؤال هؤلاء الذين يعبدون الله ولا تنهاهم عبادتهم عن ترك الموبقات أن لديهم الإجابات الجاهزة فى تلك العبارة التى يعتبرونها جسراً للنجاة { إن الله غفور رحيم } دون أن يكون لديه علم حقيقى بشروط   مغفرة الله تعالى ورحمته ويزداد هذا الصنف من البشر فى التأكيد على أن الله غفور رحيم بقولهم { إن الله يغفر الذنوب جميعاً }
ومرة ثالثة يضعنا د السما سيرى أمام منطق هؤلاء فى الحديث فى حين أن تصرفاتهم الفعلية خالية تماماً من المنطق فى إجابات البعض بأنهم أقل رشوة وفساداً وإفساداً من غيرهم .وهكذا يستمر الدكتور السما سيرى بحكمة العاقل يطرح كثير من الأمور الشائنة والسلوكيات غير السوية لدى البعض ويرد عليها بمنطقهم المغلوط وهنا وضع الكاتب نفسه مكان السائل ثم يعود ليضع نفسه مكان المجيب وصيغة التنقل هذه بين السؤال والإجابة أكبر دليل على الحيرة التى أصبحنا عليها فى مجتمعاتنا .
لا تنتهى أسئلة الكاتب الصادمة ففى نهاية ص12 فى مقدمته الصادمة والواقعية أيضاً يقذف بسؤال آخر فى وجوهنا جميعاً كقرار فى تلك المقارنة التى تفضح الحال التى وصلنا إليها من انقلاب الوضع رأساً على عقب بين أبناء الاسلام وأبناء غيره من أصحاب الديانات الأخرى والتى تحير عقل كل حليم حسب تعبيره .
ثم يتساءل الكاتب والمفكرد/ محمود السما سيرى الذى حيره وضع الأمة فى أخلاقها وسلوكياتها حتى أخرجته عن الحديث المألوف والمتعارف عليه بأننا خير أمة أخرجت للناس وأننا وأننا ---------الخ
ليقول الرجل بهدوء الحليم وبصراحة المتأمل ( ما علة تفشى تلكم السلوكيات الشائنة بين كثير من أبناء البلدان الاسلامية وضعف تفشيها  بين  أبناء البلدان الغربية وغيرها من البلدان المتقدمة التى لا يكاد يظهر فيها للدين أثر ؟)
وهنا يظهر لى جلياً مدى قوة الطرح والجرأة فى السؤال رغم بساطة العبارات وسلاستها , فالدكتور السما سيرى هنا يضع يده على الداء الدفين لقد قذف الرجل بسؤال خطير وقع على رءوسنا جميعاً بل وأصاب الجميع بلا استثناء بتلك الصدمة والمفارقة الكبيرة الغرب يتحلى بمكارم الأخلاق ونحن ابتعدنا عنها .
هذا السؤال الصادم والمشروع فى أن أظنه بمثابة العامود الفقري فى بناء هذا العمل الفكرى بامتياز وهذا السؤال الصادم والمشروع قد يجلب على الكاتب لغط كثير من ثرثرة وشد وجذب , قد يجلب عليه ألسنة أحد من السيف ممن يستعملون الكلمات الرنانة والخطب العصماء الجوفاء .. ولكن يقيني أنه أيضاً سيجذب إليه تلك العقول الحرة التى تنشد الوصول إلى فضاء الحقيقة المجردة , وكأنه يستشعر ما قد يلاقيه من أهوال جراء هذا السؤال الصادم والمشروع فيعود ويقدم لنا تساؤلاته الحائرة مرة أخرى ص14 قائلاً: فكيف يكون صدى الصوت أكمل وأجمل من الصوت نفسه ..ونحن لدينا صوت الإسلام نفسه ..وما لامس أسماعهم منه إلا الصدى ؟ومرة أخرى وفى سرعة بلاغية ومنطقية كأنه يقول لقارئه لحظة من فضلك ..
لن أتوقف أمام العلل كما توقف أمامها غيرى من علماء الاسلام ودعاته ولكنى سأبحث عن الإجابة التى تتعلق بالنتائج التى يخلفها هذا الخلل على سمات الإنسان المسلم ليطرح سؤاله الأخطر فى بداية ص15 من الكتاب وهو :
·       هل يمكن وصف من يقترف تلكم الأخلاقيات الشائنة بأنه إنسان مسلم أو مؤمن بحق فى ضوء ما اشترطته الآيات التى ذكرت سلفاً حول سمات ( المؤمنون حقاً ) وقبل  أن أعرض وجهة نظر الكاتب فى هذا السؤال المحوري .. أعترف أننى توقفت لبرهة من الوقت ثم سألت نفسى { تحدث  المجتمع المصرى كثيراً عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى ووجدت فى طرح الدكتور السما سيرى ملمحاُ من هذا التجديد فى طريقة تناوله للموضوع وكم أسئلته الصادمة حول واقع المجتمعات الإسلامية وعرضه للمسافة الكبيرة التى بيننا وبين المجتمعات الغربية على المستوى  السلوكي والأخلاقي .
(( المنطق العقلي فى التساؤلات الستة ))
بسلاسة فائقة وبخبرة عقل اعتاد على إتباع منهج التفكير السليم الذى يبدأ بمقدمات بديهية كى يصل إلى نتائج منطقية وفى أحيان آخرى ظهر الكاتب مثل معلم الرياضيات الذى وضع فرضيته وأوضح لتلامذته كيف يكون الوصول للبرهان السليم من أجل الحصول على نتيجة  صحيحة ؟
فمنذ بداية الكتاب وأنا استشعر أننى أمام كاتب ذو طبيعة خاصة أهم ما يميزها هوهذا العقل الذى أراد أن يتحرر من صندوق القوالب الثابتة والتابوهات  المحرمة فهو كاتب صاحب فكرة تشبه الطلقة ولكنه يخرجها من مسدس كاتم للصوت كى لا تحدث ضجيجاً مزعجاً المهم والأهم عنده أن تصيب  الهدف ..
فهو يلقى علينا سؤاله الخطير سالف الذكر ويقرر لنا كيفية التعامل مع مثل هذا النوع من الأسئلة من ضرورة تفكيكها إلى تساؤلات عدة وأقر بضرورة تفكيك سؤاله إلى تساؤلات ستة بدت لى خطوات واجبة النفاذ للوصول للنتائج المرجوة وإن كانت فى مجملها كسهام ستة اخترقت فى أقل من دقائق وعبرت سنوات من التفكير الرتب والثوابت الفكرية الراسخة والمتجذرة داخل مجتمعاتنا العربية : وكان أولها
-         ما الأخلاقيات الإنسانية التى يجب    أن يتم بها سلوك أى شخص مسلم أو غير مسلم حتى يمكن وصف سلوكه بأنه سلوك إنساني بحق ؟
-         إذا لم يتسم  سلوك هذا الشخص بتلكم الأخلاق الإنسانية .. هل يعقل أن نصف سلوكه حينها بأنه سلوك إنساني ؟
-         إذا كانت الإجابة لا .. فما الوصف الذى يليق به حينئذ ؟
-         هب أن شخصاً لا دين له يتحلى سلوكه مع أقرانه بالأخلاق التى تجعله جديراً أن يوصف بأنه سلوك إنساني بحق .. هذا الشخص قرر ان يعتنق الإسلام ديناً .. هل سيضيف إسلامه لأخلاقه    شيئاً جديداً يعلو الأخلاق الإنسانية السوية التى يتعامل بها مع أقرانه ..أم لا ؟
-         إذا كانت الإجابة : نعم ..فما هى تلك الإضافة ؟
-         إذا لم تتجل هذه الإضافة فى سلوك ذلك الشخص على نحو يجعله يسمو درجات عن السلوك الذى تأمر به الأخلاق الإنسانية السوية التى يلزم بها نفسه قبل اعتناقه الإسلام .. فهل يمكن أن يحمل ادعاؤه أمام أقرانه أنه أصبح إنساناً مسلماً فارقاً ذا دلالة بالنسبة لهم ؟بمعنى آخر هل يمكن وصف أخلاق هذا الشخص التى لم يضف الإسلام إليها شيئاً ذا دلالة أنها أخلاق إنسان مسلم بحق ؟
(( السمات الإنسانية ))
يشرح لنا الكاتب بعض السمات التى تمنح الإنسان صفة الإنسانية ص 20 مؤكداً أنها تلك السمات الأخلاقية وليست البيولوجية التى تميزه عن غيره من الكائنات الآخرى , ويحدد نقطة جوهرية وفاصلة وهى أن الإنسان ذو عقل رشيد وأهم ما يميز عقلانيته تحليه بالمبادئ الأخلاقية الفطرية التى تحدد غايات وملامح أى سلوك يسلكه مع غيره من بنى جنسه .. والكاتب هنا يركز فى المقام الأول على السلوك العقلي الفطري للإنسان التى لو خرج عنها لخرج عن فطرته الإنسانية ويضرب لنا مثالاً لذلك فى قصة الرجل الذى ترك الباب موارباً ووضع دجاجة على المائدة فجاء قط وأخذها وجاء إنسان سارق وأخذها مدللاً الفروق الإنسانية الأخلاقية والعقلية بين المثالين فالأول تصرف تهتدي به الفطرة الحيوانية وفى حال الثانى تصرف  خرج عن العقلية الإنسانية ويؤكد الدكتور السما سيرى أن على أ الفطرة الإنسانية تليها نظرة أدنى وهى الفطرة الحيوانية شارحاً لثلاثة من الأسئلة التى يجب أن يضعها المرء نصب عينيه  كى يستطيع الحكم على نوع السلوك الذى يسلكه وهى :
1-   ماالذى أتمنى أيفعله الآخرون معى ؟
2-   ما الذى أتمنى أن يقوله الآخرون عنى ؟
3-   ما الذى أتمنى أن يشعر به الآخرون تجاهي ؟
وفى هذه الأسئلة الثلاثة يدخلنا إلى محددات هى دائرة ( الفعل والقول والشعور )  ليضع أيدينا على نتيجة مهمة ألا وهى إذا استطعت أن تضبط قولك وفعلك وشعورك مع الآخرين وعاملتهم فى الأمور الثلاثة كما تحب أن يعاملوك – فأنت إنسان بحق – من هنا أستطيع القول أن الدكتور السما سيرى قد أخرج السارق والمارق والقاتل وكل إنسان استباح ما ليس له حق فى دائرة أو تصنيف أنه ليس بإنسان وأجده هنا أستغل منطقه العقلي وكأنه يضع بين أيدينا معادلة مكونة من ثلاثة من العناصر إذا تفاعلت بشكل صحيح فالنتيجة صحيحة ومؤكدة بأنك – إنسان بحق – وإذا لم تتفاعل مع المجتمع بشكل صحيح فالنتيجة سلبية وتنفى عن صاحبها صفة الإنسانية .
(( فكرة العدالة ))
يضع لنا د السما سيرى محدد أساسي كى يستقيم الحكم بإنسانية البشر وهى  فكرة العدالة فى التعامل مع الأشخاص بغض النظر عن مكانتهم ودرجتهم الإجتماعية مشيراً إلى أن جميع الأديان السماوية والفلسفات الوضعية قد أقرت هذه الميزة المطلقة – فكرة العدالة –أو المساواة ليقص علينا فى صفحتى 29 , 30 كثير من المواقف والأقوال المأثورة فى العهود الفائتة التى تدل على قيمة العدالة والمساواة
·       فقد نصت شريعة حمورابى وهى من أقدم الشرائع المكتوبة   فى التاريخ البشرى (1780ق م ) على التعامل بالمثل    { العين بالعين والسن بالسن }
·       والقاعدة الذهبية بين جميع المدارس الفلسفية الرئيسية فى الصين القديمة ( الطاوية , والكونفوشيه) حيث يقول كونفوشيوس { لا تعرض على الآخرين مالا يمكنك أن تختاره لنفسك )
·       وفى مصر القديمة نجد قصة ماعت التى تظهر فى قصة الفلاح الفصيح والتى يعود تاريخها إلى عصر الدولة الوسطى ( 2040- 1650 ق م )
{ عامل الآخر كما هو يعاملك } ثم أورد أمثلة عديدة عند الإغريق وعند الرومان , وفى الهند فإن غوتامابوذا ( 563- 483 ق م ) جعل هذا مبدأ من الأركان الأساسية للأخلاق { كما هو أنا هم كذلك } ويكمل أمثلته مستشهداً فى الهندوسية والزرادشتية , وفى التوراة وفى العهد الجديد ..حتى يصل بنا الكاتب فى أمثلته الشارحة المؤكدة  لصدق فرضيته الأخلاقية إلى العصر الحديث حيث أعلنت القاعدة الذهبية فى برلمان أديان العالم عام ( 1993) { يجب أن نعامل الآخرين كما نرغب من الأخرين أن يعاملوننا }.
ولى هنا وقفة ضرورية ففى صفحتى -29و30- من الكتاب يتأكد لى أن الدكتور السما سيرى رجل علم من الطراز الأول وكاتب مفكر مطلع وقارئ وباحث فى علم الأديان فالرجل طبق على نفسه قبل أن يدعونا بأن نفكر هل نحن على قدر من الإنسانية أم لا ؟فقد غاص فى بحور العلوم الماضية وبحث فى أخلاقياتهم وقواعدهم الأخلاقية الثابتة كى يؤكد ويبرهن على صحة فرضيته ويقنعنا بقيمة طرحه بكل الطرح ولا أظن أن أى قارئ واعى سواء كان مسلماً أو غير مسلم يستطيع أن يغض الطرف عن قيمة العدل ومبدأ المساواة بعد أن خبر أهميتها فى كل الأديان السماوية والديانات الوضعية السابقة علينا وهنا أسجل نقطة إجادة للدكتور السما سيرى قوت من فكرته وكتابه بل عبرت يهما نصف المرحلة وحققت الهدف المرجو .

(( الانتقال من الذاتية إلى الكونية ))
تعلمنا أن قيمة الأدب تكمن فى روعة الفكرة من الانتقال من الذاتية إلى الكونية وكتاب أخي المسلم هل أنت إنسان ؟.. أراه من هذا الصنف الإبداعي الذى يبدأ من نقطة طرح ذاتية جداً ولكنها بمرور الوقت والقراءة والتصفح لصفحات الكتاب نجدنا ننتقل رويداً رويداً من الفكرة الذاتية إلى الأسرية إلى المجتمعية بل إلى الكونية .. وهذا ما يحسب لهذا الكتاب ولكاتبه .
فما أن نصل إلى الصفحة رقم 32 من الكتاب إلا ونجد أنفسنا فى محطة آخرى هنا يناقش الكاتب   كونك فرداً داخل مجتمع وليس كائناً بشرياً منفرداً
(( حق الأجيال القادمة ))
يضع د السما سيرى أيدينا على عدة حقائق ويدق أجراس الخطر فى أن وسائل النفع التى قد تتوفر للمرء اليوم ليست حقاً خالصاً للفرد بل لابد من مراعاة حقوق الأجيال القادمة من الأبناء والأحفاد فثروات البلاد ومقدراتها لابد من استغلالها الاستغلال الأمثل ولدينا – البترول والثروات الطبيعية – كمثال فلا يجب أن يفتح المسلم والعربى باب الاقتراض على مصراعيه , كما يجب ألا يسرف فى استخدام المنتجات الاستهلاكية من الغرب ويضيع على الأجيال القادمة حقهم فى الانتفاع الصحيح بثروات بلادهم , ويجب ألا يورثهم الفقر والحرمان مما يهدد استمرارية وجودهم ذاته .
ويدق ناقوساً آخر للخطر فى السلوك الإنسانى وهو التواكل على الغير وعدم العمل وبذل الجهد , فإذا كان الفرد مطالباً بالعدالة وهو فرد مع أولاده وأحفاده ومر اعاة حقوقهم المستقبلية ينطبق هذا على المفهوم أيضاً على الفرد وسط جماعة أو مؤسسة .
فالكاتب يطالب بضرورة تطوير المرء من نفسه فى مهارات تعلمه واكتسابه لمزيد من الخبرات لكى لا يضر بالكيان المؤسسي الذى ينتمي إليه حتى يحتفظ لنفسه ولهذا الكيان استمرارية البقاء والتنافس مع أقرانه .
(( خروج الفرد ككيان مستقل عن العدالة فى تعامله مع الآخرين ))
يوضح الكتاب أن ذلك يحدث عندما يحرص الآخرون على إرتكاب فعل يتخطى حدود العدالة ضد طرف ما أو عندما ييسر لطرف معين اقتراف هذا الفعل أو يغض الطرف عنه  , أيضاً عندما يستخدم ما وهبه الله من قدرات عقلية لإقناع الأخرين بعدم فعل الخير لطرف ما طمعاً أن يعود عليه من ذلك الخير الذى يمنعه عمن يستحقه نصيب ما .

الخروج من الفطرة الحيوانية والدخول فى الفطرة الشيطانية ( القسم الثالث )
يشرح لنا د السماسيرى فى هذا القسم  أن هناك فطرة ثالثة آدني من الفطرة الحيوانية ألا وهى الفطرة الشيطانية التى تجلب الضرر للغير .
ويطرح علينا سؤالاً  مهماً.. وهو هل يجوز أن نصف نظرة الإنسان الذى كرمه الله  بالفطرة الشيطانية ؟ ويرد قائلاً : { لقد وصف القرآن أصحاب تلك المسالك بوضوح شديد بأنهم شياطين لأنهم انغمسوا فى هذه المسالك على نحو جعلهم يعادون أعدل البشر وهم الأنبياء }
{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما  نحن مستهزئون – البقرة 14 } وشياطينهم هنا رؤسائهم وبذلك يضعنا الكاتب أمام ثلاثة أصناف من البشر 
·       أصحاب الفطرة الإنسانية وهم الذين يمارسون العدالة- القسط – وقد توعد القرآن من يقتل  هؤلاء بغير حق  كمن يقتل الأنبياء بغير حق بالعذاب الأليم { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم . – أل عمران –
·       الصنف الثانى الذين تعمى مصالحهم عقولهم عن تحرى العدالة فى سلوكهم وهم أصحاب الفطرة الحيوانية .
·       وصنف آخر يهبط بهم سلوكهم ويدخلهم إلى دائرة الفطرة الشيطانية التى تسعى لإلحاق الضرر بغيرها دون أن يكون هناك أى مردود ملموس عليها .
 مستخلصاً نتيجة هامة وهى أن الإنسان لا يوصف بأنه - إنسان بحق-إلا إذا  كانت العدالة هى ضابط سلوكه فى كل وقت وحين .

(( سمات الإنسان المسلم بحق – القسم الرابع ))
فى هذا القسم .. يضعنا  الكاتب أمام معادلة دقيقة جداً من خلال المثال الذى أعطاه لقارئه وهو وجود ثلاثة من الشركاء ( مسلم وبوذي ولا دين له ) طارحاً سؤاله المشروع والمنطقي لو أراد ما أن ينتمي لأحد الدينين , ماذا سيختار دين زيد أم دين يونج ( أى الإسلام والبوذية )موضحاً أن زيد لم يكن ملتزماً بطبيعة الفطرة الإنسانية التى قوامها العدالة , ليضعنا أمام طرح فلسفي منطقي أن انتماء الإنسان الفرد   لدين بعينه  لا ينفى عنه صفة الحيوانية أو الشيطانية لأن سمة العدالة منتفية وهنا لابد من وجود عنصر فارق يمكن مارك من- الاختيار والمفاضلة- وهذا العنصر هو ( الرحمة ) الرحمة من الله إنعام وإفضال ومن الأدميين رقة وتعطف .. مفردات القرآن للراغب الآصفهانى , ومقتضى الرحمة هو إيصال الخير إلى الغير حتى وإن هذا الغير مكروهاً إليه مبغضاً من قبله .
كما أن إحسان المسلم    أمراً ضرورياً ومفروضاً عليه ليس اختياراً – فهو علة وجوده بأسره – { تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شيء قدير , الذى خلق الموت والحياة } ثم يبين هذه العلة فيقول { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } الكهف .ويوضح الكاتب أن إحسان    المرء درجة من درجات السمو الإنسانى فهو يحسن للغير دونما انتظار لمقابل ما أو تحقيق مصلحة ذاتية موضحاً أن السلوك الإحسانى هو الضمانة الوحيدة لإقامة الوجود الدنيوي الرحيم للعالمين .
ويقذف  الكاتب حجراً صلباً فى مياه حياتنا الراكدة واصفاً الحالة التى وصل إليها المجتمع الإسلامي من تدهور وعوز وفقر وقلة مساعدة الأغنياء للفقراء موضحاً  أنه لابد من عدة سبل كى تمكن المحسن للقيام بدوره تجاه مجتمعه الصغير والكبير على حد سواء شارحاً أن ذلك لن يتحقق له إلا إذا كان أكثر قدرة على العمل والإنتاج والإبداع من غيره ولن يتسنى له ذلك إلا إذا كان أكثر اجتهاداً فى بناء نفسه علمياً ومهارياً , ودون توافر شروط الصبر والرباط والتقوى معاً لن يكون لمسلم من الفلاح نصيب .{ يا أيها  الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } أل عمران  200
هكذا عرض لنا الكاتب والمفكر د محمود السماسيرى قضيته المهمة والضرورية للعرض والنقاش المجتمعي , والتى عرضها فى كتابه القيم أخي المسلم .. هل أنت إنسان ؟ فى 120 صفحة من الحجم المتوسط ضمها الكتاب الصادر عن دار النشر المتميزة دار النخبة للنشر والتوزيع للعام 2016  ليختم دعوته الفكرية بحلمه المنطقي والمشروع فى ضرورة وجود كمجتمع     عربى وإسلامي يستحق وعن جدارة أن يوصف بأنه خير مجتمع لخير أمة أخرجت للناس .
القاهرة 12-11- 2016 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق