رسائل
السيدة ( و-ع )
أين حق
أطفال العرب فى الحياة ؟
بقلم :
عزة أبو العز
أتتني وبلهجة أمرية على غير عادتها .. قالت : هيا إنهضى وأتبعينى أنت وكل أطفالك الصغار .
قلت لها : إلى أين سيدتى ؟
واليوم عيد أطفالى , ظننت قدومك كى تباركى نجاح أطفالى لقد أصبحوا أكثر
تميزاً وعطاءً وإبداعاً وأكثر وعياً لرسائلك .
بنظرة
متفحصة قالت : أطلب منك دعوتهم لأنهم الأكثر أمناً وأماناً بفضل الله أولاً وبفضل
هؤلاء الجنود البواسل على الحدود وبفضل من
فاضت أرواحهم وصعدت إلى رب الوجود .
قلت لها
: سيسعدون برؤيتك ولكن إلى أين تودين أن نلحق بك ؟
قالت :
أمام ذاك الكيان الواهن حيث الميدان
الشهير .
أدركت مغزى كلامها وتملكنى الخوف للحظة .. فعلمت بفطنتها ما دار فى
رأسى وقالت : هل تخشين على نفسك أم على الصغار ؟
صمت
وصمتت برهة ثم قالت : إذا دخل الخوف قلبك فلن تحملى رسالتى إليهم .. هل نسيت العهد والوعد ؟ اخترتك كى
تربى فيهم ألف أسامه وألف خالد , كى تخرجى من بينهم ألف
زعيم وقائد .. أريد منهم شجاعة عمر وصبر المختار .
قلت لها
: وما الذى سيفعله هؤلاء الصغار ؟
قالت : وكأنك نسيت اتفاقنا على أن نربيهم ونخاطبهم مخاطبة الكبار ..
أريد منهم أن يطلقوا صرخة الحق فى وجه كل الكيانات الدولية وأن ينبهوا من يسكنون هذا المبنى
العتيق المطل على ميدانكم الشهير لعل وعسى يسمع حكام العرب والعالم لأصواتهم
البريئة وصرختهم المدوية بالسؤال عن حق أطفال العرب فى الحياة .
أتركي الخوف عليهم جانباً وفكري بعقل إمرأة واعية وضمير إنسانة , فإذا
صمتنا أمام ما حدث ولا يزال لأطفال العرب فى { سوريا وليبيا وفلسطين والعراق
واليمن }من قتل وتشتت للأنفس ودمار وخراب للديار .. بالله عليك هل نستحق الحياة
؟
هل شاهد أطفالك الصغار جرائم العدو الصهيونى وجيشه المغوار الذى لا
يشعر بالأمان إلا وهو مستأسد فقط على
الأطفال والنساء ؟.. هل شاهدوا براعتهم فى إثبات القوة الغاشمة بقصف البيوت الآمنة
وقتل الأطفال الأبرياء عبر شاشات التلفاز ؟ .. هل شاهدوا حرق أغصان الزيتون فى
فلسطين كما فعلوا من قبل مرات ومرات ؟ .. وعودي بالذاكرة للوراء { ما ذنب أطفال
بحر البقر ودير ياسين وأطفال مخيم جنين وأطفال قانا فى لبنان } إن ما تفعله جيوش الاحتلال
سواء فى فلسطين والعراق أو أتباع الفرس والصهاينة والأمريكان فى بلاد العرب ما هو إلا مسلسلاً دموياً
قبيحاً دائم التكرار لإبادة البراءة فى عيون الأطفال الصغار تحت سمع وبصر العالم
أجمع فياللخزى والعار .
قولى لأطفالك
الصغار أن يسألوا حكام العرب والعالم باسم شهداء
البراءة التى تم إغتيالها
والتمثيل بأحلامها .
-
هل فكرتم فى وضع الطفل الفلسطينى فى المخيمات وما يعانيه فيها منذ
سنوات من بؤس وفقر وافتقاد لأبسط الحقوق
المعيشية والإنسانية ؟
-
هل فكرتم فى كل ما فعله جيش الاحتلال من جرائم قتل وسلب واغتصاب ..
ومجازر للبشر والأرض والحجر ذبحوا من خلالها الحياة ويحاولون الأن أن يذبحوا الذاكرة والانتماء بموت الأطفال الأبرياء ؟
-
علمي أطفالك الأذكياء أن يسألوا الساده الكبار .. إذا كان الطفل له كل
الحقوق من قبل اتفاقيات الأمم المتحدة ..ألم تركز الجمعية العامة للأمم المتحدة فى
الدورة الاستثنائية الخاصة بالأطفال فى مايو 2002 على ضرورة الاهتمام بإحراز
التقدم فى مجالات الرعاية بهم والاستثمار فى طفولتهم كأساس لبناء عالم يسوده
السلام .
-
ألم تذكر اليونيسيف أن مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة تتلخص فى {
عدم التمييز – تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل – والحق فى الحياة والحق
فى البقاء – والحق فى النماء – وحق احترام رأى الطفل } .
-
أين نحن من هذه التشريعات الأن ؟ وأطفال العرب ضاعت حقوقهم حتى فى
الحياة .
قاطعتها
.. هوني عليك أمى فلم أجدك بهذا الغضب والحزن من قبل .
ردت
بحشرجة صوتها الواهن .. لقد سلبوا أطفال العرب حقهم فى الحياة والبقاء والنماء .
ورسالتي
إلى أطفالك الصغار بل إلى كل العالم الذى يكيل بمكيالين تجاه شرقنا الغارق فى
مشكلاته وغربه الصانع والمصدر لما نحن فيه من كثير من الأزمات .. كما أوجه كلامى
لكل مندهش ومشفق وشاجب ورافض لصور قتل وتشويه أطفال العرب الأبرياء .
اعلموا
أن جرائم { الفرس والصهاينة والأمريكان }
ليست الأولى ولن تكون الأخيرة .. أتعلمون لماذا ؟
لأننا ما
زلنا نندهش من قسوة الأعداء ونفترض فيهم حسن الأداء علماً بأن عدونا يتفنن فى
الأداء كى تكون الصورة أكثر اندهاشاً وثرثرة وشداً وجذباً دون جدوى , وسيظل هو
العدو الفاعل ونحن فى خانة المتفرج المندهش لموت الأبرياء.
قاطعتها
قائلة : ألهذا الحد الصورة مظلمة ونحن من تعودنا أن نأخذ من حكمتك دروباً للأمل
والعطاء .
صمتت
قليلاً ثم همست : سحقاً لعالم ظالم تقتل فيه البراءة , ويحرق فيه غصن الزيتون أمام
مرأى ومسمع من السادة الكبار العظماء .
القاهرة
8-11-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق