مكان فى القلب
بقلم : عزة أبو العز
للأماكن بصمات فى القلب كما لبعض البشر ومن الأماكن التى تركت بصمتها
فى قلبى محافظة شمال سيناء التى تخوض
حرباً شرسة الأن بين قواتنا المسلحة المصرية الباسلة ورجال الشرطة الشرفاء وبين قوى الشر المتعددة من مرتزقة الدولار ومشوشي
العقيدة والأفكار وأجهزة استخبارات ترغب
فى هدم الكيان العربى الوحيد الصامد للآن
بفضل الله أولاً ثم بفضل جنودها وشرطتها وشعبها الأوفياء .
خدمني عملي الصحفى فى الماضى
فى الذهاب إلى محافظة شمال سيناء عدة مرات
أعوام { 99,98,97} لتغطية بعض فعاليات المحافظة ,
وكان شعوري مختلفاً ومبهجاً ويشوبه نوع من
الإجلال لهذه المساحة المقدسة من أرض مصر الكنانة , فكان كافياً بالنسبة لى
أن أشعر أننى أسير على أول بقعة دخل منها القائد
الإسلامي الفاتح عمرو بن العاص
لتشرق بقدومه أنوار الإسلام على مصر كلها
كان كافياً لأن أطير فرحاً فيها كما كان لدى إحساساًبالفخر والاعتزاز بمصريتي لإدراكي
أننى فى أعز وأغلى قطعة من أرض مصر مرتوية بدم شهداء الوطن وخيرة رجاله فى حرب
العزة والفخار أكتوبر 1973م ولعلمي بأهمية سيناء عموماً شمالها وجنوبها كما علمونا
فى دروس التاريخ بأن أهمية سيناء فى خطورة موقعها لأنها بوابة مصر الشرقية فى قارة
أسيا وملتقى القارتين الأفريقية والأسيوية إضافة إلى إدراكي الكامل لأهميتها
الحربية خلال فترات الحروب العربية الإسرائيلية فى أعوام { 48, 56, 67, 73م} .
والحادث الإرهابى الآثم الذى وقع ظهيرة الجمعة 24 نوفمبر 2017 فى مسجد
الروضة ببئر العبد جعلني أتذكر يوم أن زرت نقطة رفح الحدودية بصحبة وفد من مجلس
الشورى المصرى وتملكنى شعور لا يوصف
أنذاك فأنا أقف على بعد أمتار بسيطة من الكيان الصهيونى المغتصب , أقف على أرضى
المصرية ويرفرف فوق رأسى علم بلادى عالياً ساطعاً على النقطة الحدودية فسرحت
قليلاً فى كم التضحيات الكبيرة التى بذلها جنود مصر حراس الوطن كى يرفرف هذا العلم
العزيز وأقف تحت مظلته فى أمان كامل , وأيقنت منذ تلك اللحظة أن لكل أسرة مصرية حق
فى سيناء الحبيبة ولسيناء حق أصيل على كل أسرة مصرية .
تذكرت العريش مدينة الفرح والمهرجانات التى حضرت بها مهرجان الهجن فى
عام 1997م تذكرت كيف يرقص الجمل على المضمار فتبتهج لرقصته العريش كلها , وتعد
مهرجانات الهجن من أميز المهرجانات الرياضية والتى بدأت فى العريش عام 1992م حيث
أنطلق أول مهرجان للهجن فى سيناء .. كما تضم العريش على أرضها نادى الهجن
الرياضى المصرى وهو أول ناد نوعى فى
الجمهورية لسباقات الهجن , تذكرت المعلومات التى عرفتها من المسؤولين فى العريش عن سباقات
الهجن وكيف أنها بدأت فى الحسنة ثم فى بئر العبد التى شهدت أرضها الجريمة الإرهابية
النكراء .
تذكرت العريش فى أحلى أشكالها يوم أن حضرت الحفل الغنائى الذى قدمته
فرقة قصر ثقافة العريش بمصاحبة مطرب سيناء الشهير حميد إبراهيم , تذكرت ناس العريش بكل طيبتهم
وثقافتهم الغزيرة خاصة التى تخص الإبل التى كانت دليلاً على الوجاهة والغنى بين القبائل العربية وكيف أن الإبل تسببت فى حرب البسوس التى استمرت أربعين عاماً ولأهمية الإبل فى
حياة ابن الصحراء أفرد لها قضاءً خاصاً
يسمى قضاء الزيادى يفرض فيه غرامات باهظة
على كل من يتعرض للإبل بالسرقة أو النهب ,
والحالة الوحيدة التى يسمح فيها للرجل بأن يستخدم إبل غيره دون إذنه هى
نجدة الملهوف .
هذا الحادث الإرهابى الخسيس ومعاناة أهالي الضحايا الأبرياء جعلني
أتذكر الدور البطولي لأهالي سيناء فى حرب اكتوبر 73 وكيف كانت تقوم الإبل بنقل
الذخيرة والمواد التموينية للجنود وساهمت
فى نقل المعدات الحربية دون أن يشعر العدو الصهيونى فأيقنت أن أهالي سيناء اليوم
هم أبناء وأحفاد بدو سيناء أكتوبر 73 لن
تنال من عزيمتهم تلك الأعمال الدنيئة
وأنهم قادرون على المواجهة مع الجيش
المصرى وستكون نهاية الأندال بمشيئة الرحمن .
رأيت عبر التلفاز وشبكات التواصل الاجتماعي لوعة وحرقة قلب سيدات بئر
العبد لفقد الأعزاء فتذكرت تلك الوجوه الجميلة والأزياء السيناوية بالغة الروعة
والجمال تذكرت الدور الايجابي للمرأة السيناوية
سواء فى الحضر أو الريف الصحراوي .. وحوار تى الصحفية معهن حول الأمل فى
مستقبل أفضل وإحساسهن العالى بقيمة مصر الأم وتعليمهن الأبناء حكايات البطولة
والانتماء .
تذكرت العريش التى تزينها السماء الصافية والمناظر الطبيعية الخلابة
والمياه البديعة والطقس الرائع والمساحات
الرهيبة من الصحراء التى تسطع رمالها كسلاسل الذهب تحت شمس الظهيرة فى فضاء
الصحراء .
تذكرت غنى هذه المحافظة الحدودية
بمواردها الطبيعية من { مواد خام صناعية ورمل الزجاج النقي والحجر الجيري
والطفلة وخامات صناعة الأسمنت بالإضافة لوجود بيئتين سياحيتين هما البيئة الساحلية
فى الشمال والبيئة الصحراوية فى الجنوب }
فأدركت لماذا هى مطمع خوارج العصر ؟ وأصحاب المطامع وعدو صهيوني كان ولا زال يحلم
بالسطو على أرض الأنبياء ولكن يقيني وتاريخي وديني قد حسموا الأمر منذ أمد بعيد فمهد الديانات وأرض الرسالات لن تحيا إلا فى ظل
الوطن الأم مرفوعة الهامة والمكانة ومهما
تكالبوا وتفننوا وتلونوا فسيناء مصرية وستظل مصرية وما يحدث على أرضها الأن هو
ضريبة الدفاع عن الأوطان صاحبة الحضارات العريقة والتاريخ العظيم .
ولا يمكن أن تمر العريش فى مخيلتي دون أن أذكر الفنان والصديق العزيز
فنان سيناء الكبير مصطفى بكير الذى دارت بينى وبينه حوارات كثيرة فى أكثر من لقاء عن سيناء الحبيبة وبطولة
أبنائها والحركة التشكيلية فيها وهو نفسه تشكيلى
عاشق لحبات رمالها والذي سجل بفرشاته قصة
دخول عمرو بن العاص إلى سيناء ومنها
عبوراً إلى مصر , فقد صور جنود عمرو القائد الفاتح فى ثلاث من اللوحات الفنية الجميلة كما كانت
رحلة عطائه التشكيلية فى مجملها عن سيناء بكل ما فيها ومن فيها أهالي
سيناء أقوياء عاصروا الحروب ولديهم خبرة وحكمة رجل الصحراء ويعلمون جيداً أهمية وخطورة
موقع سيناء الذى جعلها مطمعاً من قبل جهات عديدة لذلك ثقتي كبيرة أنهم أوفياء أقوياء ولن تنال من عزيمتهم
حوادث الإرهاب البغيضة.
وستظل شمال سيناء بالنسبة لى ولهم تمثل حيزاً مكانياً وزمانياً شاهد
على تاريخ مصر حديثاً وعبر العصور وسيظل لسيناء الحبيبة دائماً وأبداً.. { مكان فى القلب }
القاهرة 27-11-2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق