بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، يوليو 26، 2016

لماذا أصر الأمريكان على تجريد اليابانيين من سيوفهم ؟ .. بقلم / الأستاذ حامد المحلاوى

بعد الاستسلام في الحرب العالمية الثانية :
لماذا أصر الأمريكان على تجريد اليابانيين من سيوفهم ؟! ..

بعد توقيع الامبراطور وثيقة الاستسلام من فوق بارجة حربية أمريكية كان من ضمن بنودها أن تسلم اليابان كامل سلاحها للجانب الأمريكي وهذا مفهوم .. لكن الذي لم يكن مفهوما ولا مهضوما بالمرة أن الأمريكان أبدوا إصرارا عجيبا على أن يسلم اليابانيون السيوف التي بحوزتهم على اعتبار أنها أسلحة ! .. فما قيمة السيف في الحرب الحديثة حتى يكون ضمن الأسلحة الواجب تسليمها ؟! .. الواقع يقول إن له قيمه كبيرة جدا ! .. لكنها قيمة أخرى لا صلة لها بالحروب أهم وأقوى بكثير .. كان اضحا أن الأمريكان درسوا تاريخ اليابان جيدا وأدركوا أن السيف يعد جزءا مهما من الشخصية اليابانية ويمثل إرثا تاريخيا كبيرا يعتزون ويفاخرون به .. فسيف الساموراي العظيم (هو اللقب الذي يطلق على المحاربين القدامى ) يعتبرونه أيقونة ورمز اليابان الأشهر .. أما روح الساموراي فهي مجموعة المثل والمبادئ التي يتوجب أن يحميها ويحافظ عليها المحارب في حياته .. إنها مزيج من التعاليم المأخوذة من التقاليد الفلسفية الرئيسة الثلاثة في اليابان .. البوذية : أخذ منها الصفاء والرقي وعدم التعلق بالحياة .. الشنتوية : أخذ منها الإخلاص والوطنية .. الكونفوشية : أخذ منها الأخلاق .. تراث إنساني رائع .. الأمريكان جمعوا السيوف ( منها ما هو تاريخي ) من داخل البيوت وجعلوها أكواما ثم حطموها بالدبابات إمعانا في إذلال اليابانيين ! .. كانوا يعلمون أن السيف هو جزء من شرف وكرامة الإنسان الياباني .. 



الأربعاء، يوليو 20، 2016

ماما عزة .. وحكاياتها الحقيقية ... بقلم / الناقد الكبير السيد إبراهيم



ماما عزة .. وحكاياتها الحقيقية 





  



     حين أعلنوا عن فوز الدكتور أحمد زويل بجائزة نوبل انبرت الأقلام والحناجر في الحديث عن الرجل بشكل أسطوري صعب اللحاق به، وخفت أشد الخوف وقتها من غرس هذا المحال الشديد داخل نفوس الأطفال فكتبت عن زويل مشيدًا وأنه كان طفل مصري عادي، طيب شاطر وهادي، بيذاكر كل دروسه، ويحوش من فلوسه، وينام بدري بالليل، من خلال أغنية نشرتها مجلة للأطفال، ولكن لا أحد استقبل هذا الطرح أو رحب به أو تبناه.

  مرت السنوات حتى أتتنا الصحفية القديرة عزة أبو العز لتتبنى ــ بدون اتفاق أو اقتباس ــ منهجًا يحقق تلك المعادلة الصعبة في دنيا حواديت الأطفال، بعيدًا عن دفاتر جدتي والحكايات المغرقة في التراث، وعن تلك الحكايات المثالية التي تشكل أمام الطفل تحديًا يشبه العجز عن الوصول إلى مثاليات ومواهب بطل الحكاية، أو استيراد حكايات من بلاد بعيدة يرى الطفل أنها لا تخصه فتشكل في داخله قطيعة معرفية من التواصل بها.
  عزة أبو العز بحسها الوطني الذي أخلصت له منذ كانت صحفية وهيَ تعايش الأقاليم المصرية التي زارتها، والتحقيقات الصحفية التي كتبتها ونالت عنها الجوائز، ارتأت أن يكون دورها خارج ذلك الإطار من المشاحنات الثورية والفرقعات الإعلامية، وظهور الفقاقيع، وشهرة البهلوانات، ولأن لها قدم راسخة في دنيا الرياضة واتصالها المباشر بها من خلال عملها، شكلت حكايتها الواقعية بأسلوب غير مسبوق ــ على قدر علمي ــ في عالم حكايات الطفل، امتزجت فيه القيمة بالأمل، والنجاح بالعمل، والمستحيل بالممكن، وبالواقع لا بالرمز أو المثال.

   لقد صاغت عزة أبو العز حكاياتها عن أطفال أبطال يمشون ويحيون في واقعنا المصري، حققوا البطولات وحصدوا الجوائز، وقد تحققت هيَ من ذلك فليس في الأمر محاباة أو مجاملة لأحد، وليس فيه انتقائية أو انحياز، فمتى كان الطفل بطلاً كان له حق الظهور في حكايتها سواءٌ كان مسلمًا أو مسيحيًا، مدنيًا أو قرويًا، وهنا يكمن الجديد أنها تحكي عن طفل يعرفه أبناء الحي الذي ولد فيه، وأبناء عائلته الصغرى والكبرى، وأبناء محافظته، ومن يزاملونه في الفصل والمدرسة، وربطت هذا كله بـ "حلم البطولة" و "أشطر الشطار" ولا تحكي عنه في غيابه بل في حضوره في البرامج التي شاركت فيها في إذاعتىّ صوت العرب والشباب والرياضة وقناة القاهرة.

   ولا تتكلم عزة أبو العز عن الطفل وحده بل تتكلم عن البيئة التي عاش فيها ومن رعاه، ومن كان قدوته، وعن مدربه، وعن اللعبة وتاريخها، وعن درجاته وتقديره داخل الفصل وعلى مستوى المحافظة والجمهورية، والأطفال يتابعون بالمشاهدة والاستماع وأمامهم الطفل أو الطفلة، وقد يقول قائل: فليس في هذا جديدًا، فأحيانًا ما تستضيف الإذاعة الأطفال الأبطال؟ 

   الجديد أن عزة أبو العز تقدم الأطفال من خلال حكايات مشوقة ترتبط بذهنية الطفل وذاكرته بأسلوب شيق يميل إلى الشعر أو النثر المسجوع، بصوتٍ هاديء حنون غير مصطنع يلمس فيه الطفل والمستمع العادي الصدق والحماسة والحب لما تصنع، وهذه الحواديت والحكايات تُقدَم بشكل منهجي ومتواصل، أما "أحيانًا" فهذا لا تعرفه "ماما عزة" وأما البرامج الباردة الباهتة المصطنعة الوقتية التي تزول من ذاكرة وذهنية الطفل بمجرد إذاعتها فهذا الذي لا تعرفه حكاياتها.

  إن القيم التي تبثها الأستاذة عزة أبو العز داخل حواديتها أو حكاياتها قيم مدروسة محبوكة بعناية، تدل أن وراءها ذات مثقفة، وعقلٍ واعٍ بما يدور حوله؛ فليست خبطٍ من عشواء، أو استعراض لمعرفتها، قيم تربط الطفل بحضارته المصرية الفرعونية لا تفصله عنها، وتربطه كذلك بدينه، وبعصره من خلال العالم الذي يعيش فيه، قد لا تنهل من التراث ولكنها وهي تميل إلى المعاصرة تبث قيمة الجماعية وروح الفريق داخل حواديتها وهي بذلك تعالج مرض اجتماعي متجذر في سبيل النهوض بدولتنا، وهي قيمة تراثية معاصرة معًا.

   أن الجهد الذي تبذله المقاتلة عزة أبو العز من أجل صياغة حكايتها رغم وقتها الضيق وما يتطلبه ذلك من متابعة ومجهود للبحث عن نماذج حكاياتها، والاتصال بهم وإحضارهم إلى القاهرة، والالتقاء بهم على مدار اليوم، وأحيانًا ما تقدم برنامجين في يومٍ واحد، والتثبت مما تكتبه تاريخيًا ودينيًا، وتلك الحفلة التي كرمت فيها أبطالها الأطفال وشهدها جمع لفيف من رجال الصحافة والإعلام وبرامج الأطفال ونقلها التليفزيون المصري.

 كل هذا يدفعنا إلى أن نحي تلك السيدة التي أخلصت لفكرة سهرت عليها منذ تأسيسها صالونًا يرعى الرياضة والثقافة على المستويين المصري والعربي، وهي لاتمل من تقديم الجديد في عالم حكاياتها من التواصل مع الطفل البطل، والآن مع الطفل المخترع والطفل الرسام لترسخ في الأذهان أن مسرح وميدان البطولة يتسع لكافة النجاحات في كافة المجالات ولا يستأثر بها عالم الرياضة فقط، ولن تتوقف عزة أبو العز عند هذا الحد بل ستأتي مع كل يوم بجديد، المهم أن تتهيأ لها النافذة الإعلامية التي تتيح لها أن تطل على أطفالها بانتظام خاصة وأنه قد أصبح لها قاعدة عريضة من المتابعين لها من الصغار والكبار من خلال "أجمل الحكايات مع ماما عزة".
  

 


الكاتب الكبير محمد هزاع ... بعض الحب قهر

( بعض الحب قهر )
.......................

قال لي : رغم أن الأماكن والأزمان ، في حد ذاتها ، ليست إلا تجليات للأسماء الإلهية ، ككل المخلوقات ، ألا أنها تكتسب طبيعتها ، ودرجاتها ، ومراتبها، ومقاماتها ، وصفاتها، وتأثيراتها ، ممن يتواجدون فيها ، أولئك الذين وضع الله فيهم ( سرالخلافة ) ، في هذه الأرض ، فللخلفاء حضور مختلف .
قلت له : ربما كان ماقلتَ توًا سيدى ، أهم ماسمعت ، مما يفسرإدراكنا ، في أحيان كثيرة ، أننا منتمون لمكان ما دون آخر، أو لزمان ما دون آخر .
قال : إنها العلاقات ( شبه الثابتة ) ، بين الأرواح ، والعقول ، والقلوب ، والأنفس ، والأجساد ، ( شبه المتماثلة ) ، ياولدي .
قلت : لماذا قلت ( شبه الثابتة ) و ( شبه المتماثلة ) ، يامولانا ؟
قال : لأن التجليات الإلهية لاتتطابق أبًدا ، بنسبة مائة في المائة ، وكذلك هذه المكونات الإنسانية الخمس ، أو مانطلق عليه ( الحضرات الإنسانية الخمس ) .
قلت : على هذا ، فصحيح ، أني مثلًا قد أدرك ، إدراكًا وجوديًا ، إنتمائي إلى مكان أو أماكن لم تطأها قدماي ، ولم أرها ، ولم أسمع بها ، وكذلك بالنسبة لزمن ما أو أزمان ما .
قال : الأصل بالروح ، وماسواها تجليات لها ، والروح لاتفني ، لأنها نفخة من روح الله ، فهي مستمرة ، ولكن تجلياتها قد تختلف ، وهذا مانسميه ( النسبة الثابتة ) .
قلت : هنا فقط قلت ( النسبة الثابتة ) ، فلماذا ؟
قال : لأن هناك فرق بين التجليات الألهية ، بأسمائه ، والتجليات الإلهية ، بروحه ، الأولي تتباين لأنها ( خلق ) ، والثانية لاتتباين لأنها ( حق ) .
قلت : وهذا حادث بين البشر كذلك ؟
قال : هم الأساس في ذلك .
قلت : زدنى ، زادك الله علمًا .
قال : مامن نفخات روحية لله ، إلا في الإنسان وحسب .
قلت : بعض الحيوانات والنباتات تبدو كأن بها روح .
قال : لا ، بل حياة ، من اسمه الحي والمحيي ، هل تعرف أسمًا له سبحانه ، يمكن أن تكون الروح تجل له ، أنها نسبة من روحة ، لا من أسمائه .
قلت : نسبها المتقاربة الثابته ، تتآلف بغض النظر عن المكان والزمان ؟
قال : نعم ، وإلا فلماذا تحب التجلي الأعظم لله تعالى ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ، قدر قدر الله سبحانه ، وأنت لم تره ، ولم تسمعه ، ولم تصحبه ، في مكان أو زمان ؟
قلت : عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه الصلاة والسلام ، كما يليق بالله تعالى ، أضعافًا مضاعفةً ، قدر قدرة سبحانه وتعالى.

قال : من تواجد معه بالحضرات الخمس ، في مكانه وزمانه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ، قدر قدر الله تعالى ، ، يسمَون ( أخوانه ) أو ( أصحابه ) ، ولكن من ليس كذلك ، ممن تتآلف روحه مع روحه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ، قدر قدر الله تعالى ، فيسمون ( أحبابه ) ، لأن العبرة هنا بالروح ، لابأى من الحضرات الأخرى .
قلت : وكذلك الأمر بالنسبة لأى من السابقين واللاحقين ؟
قال مبتسمًا : ومن المعاصرين ؟
قلت : ما باليد حيلة يامولانا ، ( حِب الله ) .
قال : ما أقامه الله ، لايهدمه مخلوق ، ياولدي .
قلت : يغفر لنا الغفور ، الغافر، غفار الذنوب ، ماخالفنا ، مما نستطيع ، ويلطف الطيف بنا ، فيما نحن مضطرون إليه ، مما لانسطيع ، بما هو له أهل ، لامانحن له أهل .
قال : بعض الحب يتلبس أحيانا ، بالقهر .
قلت : لا حساب ، إن شاء الله ، على مانقهرعليه .
قال : القهر استكراه ، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ، قدر قدر الله تعالى ( رفع عن أمتي ثلاث ، الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه ) .
قلت : هذه ظني بالله تعالى ، فهو ( الحب) ذاته .
قال : قل : يااااااا حب .
قلت : ياااااااااااااااااااااااااااااا حب . ._________________________________________________
نص من سرديتي الجديدة (
‫#‏وجودك_ذنب ، قصة جيل ) ، تحياتي ‫#‏محمد_جاد_هزاع‬



مجموعة من أشعار شاعر سيناء المتميز ... سمير محسن

" حكمة "
النخلُ الراقصُ تحت هديرِ الريحِ
يُوزعُ بالقبلاتِ
على الناجين من الأنواءِ
يُخبر أن الموجَ العاصفَ


يعلو بالإصغاءِ
أن الرملَ الزاحفَ
يزهو بالإطراءِ
أن الشعرَ يظلُ الحكمةَ
رغم مواتِ الحكمةِ والشعراءِ
- - - - -
" قرفصاء "
الجالسون القرفصاءَ
في الخيمةِ البدويةِ
يحتسونَ ضوءَ النارِ
بينما الشايُ
يلتهمُ الأماكنَ اللامعةَ
في أفواههم
- - - -
" تراث "
أماكنُ الخيمةِ المعتمةِ
تأبى الإضاءةَ
احتفالاًٍ
بتراثها القديمِ
--------
"أغصان الزيتون "
خارجُ الخيمةِ
تُداعبُ الريحُ أغصانَ الزيتونِ
فتهتزُ جدرانُ الورقِ
وأجولةُ الدقيقِ الفارغةُ
والليلُ من بعيدٍ
آلاءٌ من البشرِ
------------
" صمت "
البردُ شديد|ٌ
وقصصُ البدوِ
تلتهمها نارُ الشايِ
وهم يتهامسونَ
في صمتِ الخيمةِ
------------
شقشقة "
المطرُ سيعرفُ أني
منذُ الآن جميلٌ جداً
المطرُ سيعرفُ أني
قد أدمنتُ الوجدَ
عشتُ كآخرِ نورس
في شقشقةِ العشقِ
----------------
" أثداء"
السيلُ الهادرُ في سيناء
يبشرُ
أن الأرضَ
سترجعُ بكراً
أن الخلقَ
سيصرخ شعراً
أن الله
يجازي الريحَ
بما تنشرهُ
من الأنواءِ
وأنا سنغفو قليلاً
في الأثداءِ
--------------
" محاورة "
الشمسُ تسامرُ
أولى الضوءِ
ونحنُ نحاورُ
يشرقُ في أعيننا
الخبر الجائر
أنا بعثنا
في محرابٍ
من قيلولةِ فجرٍ
أنا
نغامر
____________________
" أرجوحة "
للريحِ
مولدُ العشقِ
وأنا
موطنُ الانتماءِ
فما هدنا غير وهمٍ
والمدى –
أرجوحةُ الأتقياءِ
___________
تقرأُ في القصيدةِ ما ليس فيها
تدخلُ في غيبوبةِ الأحلامِ
تبهرك المسافاتُ
تشجيكَ الفاتناتُ
يوقظكَ الواقعُ
------------
ما بين الغفوةِ والمجدِ
أن تقفَ طويلاً
تحت هطولِ المطرِ
------------
أغصانُ الشجرةِ الوحيدةِ في مقابرِ العريشِ
لا تكف عن الرقصِ
رغم إصرارِ العواصفِ على الصمودِ
- - - -
الواقفون فرادى وجماعاتٍ
في الفضاءِ اللا نهائي
يتهامسون كحفيفِ الريحِ
بينما الشاب اليافع
يتعتع :
اللهم ألحقها بالصالحين
يصحح أخطاءة بعض اللاهيين
------
يقرأ بعض الآيات
يخطأ في الأخرى
يتلو بعض الأحاديث
يزمجر الحضور
يعاجله المطر الثلج
يهرول الجميع نحو السيارات
يتذكر أنه لم يدع للميت
--------
يسرعون الخطى
تنهال الرمالُ
الحفرةُ عميقةٌ
يبحثُ كلٌ عن مهربٍ من برد العاصفةِ
تتمايلُ الأشجارُ الصغيرةُ من بعيد
تحيةً للميتِ الغريب
---------
بردُ العاصفةِ شديدٌ
يستقبلها الصمتُ بشغفٍ
يهطلُ ثلجُ الموسمِ
ينفرُ كلٌ من صاحبهِ
يرفضُ جسدُ الميتِ أن يتبعهم
-------
"جُرحٌ"
جُرحٌ لا ينزفنا
ولا يعرفنا
حيٌّ مثل الشيقِِ
يسكنُ فوقَ ضميرِ الناسِ
يلهثُ بالإحساسِ
جرحٌ من يُسكتهُ؟
ومن يلقاه على الجدرانِ؟
ومن يعرفهُ إذا باغتنا؟
جُرحٌ من هامتنا
-----------------
"حريق"
النساءُ اللواتي افترشنَ الحريقَ
انتشين بوجهكَ
يا عاشقاً
مفرداً مخلصاً للأنوثةِ
تلك التي تستحيلُ عليكَ
وتدنو إليكَ
آيا عاشقاً صمتها في النخيلِ
هي امرأةٌ من أفولٍ
تداعبُ عشبكَ عند النهارِ
هي امرأةٌ للدوارِ
-------------
"خطوب"
طوتنا الخطوبُ
فويلٌ لهن السبايا من المعجزاتِ
هنيئاً لنا بالركوعِ الشديدِ لكلِ السنين
هنيئاً من الفاتناتِ
آيا أيها الوجهُ
أين ستلقي تقاسيمَ سمتكَ
أين الخشوعُ لكلِ التجاعيدِ والمفرداتِ؟
هنيئاً لكلِ النساء
هنيئاً للونِ المماتِ
هو الصبحُ يأتي
يُداهنُ بالهزهزاتِ
فويلٌ لخطوٍ يذوبُ مع الشدوِ والحزنِ
ويلٌ لنبضٍ شفيقٍ
بلا شقشقاتِ
--------------
"ضرع"
خُسارةٌ أننا جئنا إلى دفِْ البراءةِ
والمرايا تائهاتٌ بين صدقِِ الجفنِ والعشقِِ الخئون
حينما شُقت فيافي الضرعِ
في بحرِ العيون
-----
"مسخ"
أشتاقُ لأن أرجعَ بالتكوينِ إلى دوامةِ مزجٍ
للتوقيعِ على إبهامِ الخلقِ الأول
بين القيظِ وبين الغفوةِ
أملاً أن يلفظنا مسخٌ
في آفاقِ الأرقِِ
----------
للعادر البدوي رائحة الرمال ِ
وأنا لا أنفك عن مغازلة الرياحِ
التي
تخط حضارةَ قومٍ
لم يأتو بعد
--------
لليلِ ما للبحرِ
بارقةُ أملٍ تنذرُ
بانهيارِ مجرةٍ من نخيلٍ
- ----
للخيمةِ البدويةِ
طعمُ الخريفِ
والراحلون في أولِ الدربِ
ينسجونُ الخيالَ
نشوةَ من حريقٍ
------
النخلُ الشامخُ فوق العشبِ
يهدهدُ يومه كالأرغولِ
في صحراء لا يسكنها إلا
ضوءُ الشمسِ
وأملُ السائرِ في الرمضاء
-----------
الصوتُ القادمُ من صحراء التيه
يتمتمُ مثل الناي
على رعشاتٍ من أبياتِ الشعرِ
وورقِ الأثلِ الدامع.ِ
- - ----
بين الحنظلِ والغيماتِ
سماءٌ
لا يعرفها إلا
نتوءُ الماءِ على الصحراءِ
---------
الحزنُ شديدٌ
إذ أن الغيمَ يطالُ الرأسَ
والأنواءُ تجوبُ البلدةَ بحثاً
عن إطلالةِ شمسٍ
تُغرقُ هذا العالمَ في الإغواءِ


*****

 

النَثْرُ.. قَصِيدَةٌ تَأبَىَ الرَّحِيل... بقلم الكاتب الكبير : السيد إبراهيم



 النَثْرُ.. قَصِيدَةٌ تَأبَىَ الرَّحِيل...








 

  مثلما تمرد الشاعر نزار قباني على أستاذه خليل مردم بك الممثل لشعراء الكلاسيكية الجديدة في سوريا..خرج زمرة من الشعراء الشباب من العباءة النزارية..ومن عباءة شعر التفعيلة..ليلتحفوا بقصيدة النثر التي أبحرت بعيدًا عن القصيدة العمودية، وودعت شعر التفعيلة بلطف، حيث وجدوا فيها بغيتهم من التعبير بدعوى أنّ كل شكل يُحيل إلى همس مُختلف للتاريخ، ومازالت النار مشتعلة الأوار بين كل فصيل واتهام الذين تبنّوا هذه القصيدة بالمباشرة تارة، وبالحرب على العربية لغةً ودين.. وإفساد الذوق العام .. لكن والحق يقال أن كل فصيل يتقدم بقوة في قصيدته.. وقصيدة النثر بين العمودي والتفعيلة تكسب في كل يومٍ أرضًا جديدة.


   هذا ما ذكرته إجابة على سؤال سبق في حوار طويل جرى في بلاط اتحاد الكتاب والمثقفين العرب بدعوة ورعاية كريمة من رئيسه الأستاذ الدكتور محمد حسن كامل، ووجه تلك الأسئلة الشاعر الجزائري ياسين عرعار، وسأذكر فقط  ما يخص "قصيدة النثر" من أسئلته وإجاباتي عليها:

ــ هل قصيدة النثر ولادة جديدة لقصيدة لم نكتبها بعد .. أي على سبيل المثال "القصيدة الحلم" أم هي العولمة اقتضت ضرورة التغيير والبحث عن هوية جديدة لقوالب الشعر تبعًا لتكنولوجية العصر خاصة وأن قصيدة النثر ليست من فصيل العمودي أو التفعيلة؟

ــ وأبدأ من حيث أنهيتَ سؤالك: نعم، قصيدة النثر ليست من فصيل  العمودي أو التفعيلة، وربما توسطت التفعيلة فيما يشبه الحركة الانتقالية المحرضة على إتيان النثر..ومن الذين يمثلون ذلك ــ بحسب اعتقادي، وقد أكون مخطئَا ــ شاعر السريالية الريفية "شوقي أبو شقرا" الذي يعد أحد أهم رواد قصيدة النثر ومن أبرز أركان مجلة "شعر" التي جمعت أنسي الحاج، ومحمد الماغوط، وأدونيس، ويوسف الخال، وهناك من ظل مركوزًا في التفعيلة لا يغادرها..

أما "القصيدة الحلم" فهيَّ القصيدة التي لم تكتب بعد.. وبالأحرى لن تكتب بعد .. مادام هذا المفهوم قائمًا وهو الذي يرتكن عليه وإليه أنصار قصيدة النثر ذاتهم في مواجهة منتقديهم من أن كل ثقافة تحتوي بداخلها على الفكرة ونقيضها، طبقَا للجدل الهيجلي، ولذا فإن صراع الظواهر الثقافية يتحكم فيه العوامل الذاتية والموضوعية، وماهو سائد في وقتٍ ما قد يكون هامشيًا في زمنٍ آخر.. ويقصدون به سيادة الوزن العروضي حتى منتصف القرن العشرين، وتنحيه أو تنحيته لصالح الظواهر الإيقاعية في النصف الأخير منه.

الواقع يؤكد أن ظواهر التمرد على القصيدة العمودية سابقٌ بكثير على دخول العولمة حياتنا الثقافية، ومن يقرأ تلك الظواهر يجدها قد تمردت على الشكل حينًا ثم المضمون ثم اللغة ..وأدبيات الشعر تذكر أوائل من دعا إلى كسر ارتباط الوزن بالشعر من مثل: إبراهيم اليازجي، ومصطفى لطفي المنفلوطي، ومن دعا إلى اللحاق بركب الشعر العالمي مثل الشاعر التونسي عبد العزيز المسعودي..ولم تكن مدرسة المهجر بعيدة عن النقد الدائم لأوزان الشعر وتشبيههم له بأنه كطقوس الصلاة والعبادة التي أرساها الفراهيدي.

ــ ما الجينات الوراثية التي تحملها قصيدة النثر خاصة وأنها فصيل جديد في الشعر وقلتم بأنها لم تعد حائرة بين العمودي والتفعيلة؟

ــ الجينات الوراثية لقصيدة النثر منبتة الصلة؛ إذ ولدت بعيدة عن رحم العروض الخليلي ــ إن جاز التعبير ــ الذي رأت فيه عائقًا كبيرًا في سبيل تطور الشعر العربي.. وهيَّ بهذا لم تكن مهادنة بل عاصفة، فربما كانت "التفعيلة" مهادنة .. بإتخاذها التفعيلة,كأساس عروضي للقصيدة وإن لم تتقيد بعدد من التفعيلات في السطر الواحد, والتزمت بالروي بيد أنها جعلته غير ثابت في القصيدة كلها. أما قصيدة النثر فلم تبق ولم تذر.. استخدمت النثر لغايات شعرية، مفارقةً لها عن النثر الشعري الذي سبقها في الوجود وكان نثرًا يستخدم الشعر لغايات نثرية خاصة.. وكما يسميها أحد أعمدتها أنسي الحاج بأنها لا قطعة نثر فنية أو محملة بالشعر، ومن هنا فقد جاءت تلك القصيدة محددة الملامح والقسمات في أنها أضافت جنسًا شعريًا مغايرًا.. رفض الانضواء منذ البداية .. أو حتى تقديم انحناءة الاحترام للخليل بن أحمد كما فعلت قصيدة التفعيلة .. وخطت لنفسها نهجًا جديدًا غير عابئةً بقول من قال أن التمسك بهذه القصيدة هو نوع من الهروب من نزال الوزن، أو ركوب أخطار العروض، وهيَّ نفس التهمة المعلبة التي واجه بها أعمدة القصيدة الخليلية من ركب موجة التفعيلة، ليتحد الفصيلان العمودي والتفعيلة في مواجهة أهل النثر بيد أنهم أكثر مضاءً وقوة.


ــ هل ترى فعلًا أن قصيدة النثر حققت هويتها الأدبية بعيدًا عن النخبة والملتقيات العالمية التي ـ ربما ـ ألبست قصيدة النثر ثوبًا قد يكون أكبر منها؟ كيف؟ 

ــ صارت للقصيدة النثرية نخبها.. أو بالأحرى صار من أسسوها هم نخبتها وأعمدتها.. وصار لها مجلاتها ومنتدياتها..بل صارت حتى المجلات التي كانت تتأفف منها، أن أعدت لها قسمًا خاصًا بها.. وأنشأت لها نقدًا خاصًا منبثقًا عن دراسات تأسيسية لهذه القصيدة التي لم تصبح وليدة.. وصرتُ أدافع عنها وقد كنت من أشد الساخطين عليها.. ولكنها اليوم خرجت من إهاب الغموض لتكون أقرب للمتلقي الذي مجها لغلظتها الفكرية.. واستئثارها بالرمز.. وهذه الكيفية هيَّ التي ضيقت الفجوة .. وجعلها تتزيا المقاس المناسب بعد أن كانت تستورد بعض الصور المقحمة على النص وعلى الذهنية التي لم تتهيأ بعد لحفر المجرى المناسب لمرور وعبور سفينة النثر في تلافيفها.
ــ ما تصوركم لمستقبل الشعر العربي في غمار تعدد الأجناس في الموروث الشعري الواحد خاصة وأن العديد من الأقلام تمتهن قصيدة النثر أومحاولة التعبير عن الشعور أو ربما الهروب من موسيقى الخليل دون الوصول إلى قصيدة النثر الحقيقية التي جعل لها كبار الشعراء والباحثين أرضًا جديدة صلبة دون قطيعة للموروث الشعري الشعري القديم وفنياته؟

ــ في إطار الواقعية الجديدة لهذا الجوار المتعدد من الأنساق الشعرية لايستطيع فصيل الاستعداء على زميله بالاتهام بالهروب من الوزن ــ كما أشرتُ آنفًا ــ أما الموروث فقد لفظوه وزنًا وقوافٍ.. والإيقاع هو ما يحاولون اللعب على وتيرته.. وأنصار "النثر" يحذرون ذلك القادم إليهم من وعورة الطريق الذي قد يظن امتشاقه سهلاً..فقد أثبتت التجربة أنهم شعراء بحق .. بل أن أدونيس نفسه مازال يتعاطى المتنبي ويعشقه .. ليس هذا فحسب بل أنهم مشهود لهم بترجمة بعض دواوين الشعر الغربي مثلما فعل أدونيس وأبي الشقرا..
 أما الأرض الجديدة التي يبغون الوصول إليها فهم مازالوا يحاولون..وهم يحاولون رغم انقطاعهم الوراثي بالعروض .. إلا أن ماضي تجربة أمتهم نابض فيهم وكأنما وهم يحاولون الإفلات من تبعة الماضي يحملونه بكل مفارقاته معهم..

- قصيدة النثر في حد ذاتها شهدت تيارات عديدة واتجاهات متباينة، و ربما نجد الشاعر العملاق (الماغوط) أبدع فيها كل الإبداع! وله جمهوره العري

الواسع، و هو في تياره أقرب إلى العامة، بينما نجد هناك تيارًا بالتوازي أقرب إلى النخبة مثل الأديب المفكر المنظر أدونيس ..هل باعتقادكم أن هذا التوازي الداخلي بين تيارين والتعارض في الأبعاد في آنٍ واحد سيحقق أهداف قصيدة النثر أم سيفقدها أرضها الصلبة .. أم ترون غير ذلك؟ كيف؟

 ــ هذا التصنيف الرائع ..هو بعينه قراءة للواقع ..لماذا تلقى الشارع الشعري العربي الماغوط وتجاوب معه .. بينما استأثر أدونيس بالنخبة بل بالتأثير في جيل الستينات والسبعينات إلى حدٍ ما.. ربما تسلل الماغوط ذاكرة الذهنية العربية عبر مسرحيته الإجتماعية الكوميدية السياسية "كاسك يا وطن".. وعبر عفويته .. وألفته .. وربما وهذا هو الأهم لم يصادم الماغوط المجتمع بمطارحات فكرية استهدفت ثوابت الدين .. نعم، جاء الماغوط بقادومه ليهدم تقليدية القصيدة .. ولكنه انكفأ على مشروعه الشعري، تخلى عن الوزن والقوافي ولكن شعره ما تخلى عن موسيقاه التي تحسها في كل ثنايا الكلمات ..ولكن يبقي أدونيس هو رائد التجريبية في الشعر الحديث بحسب وجهة نظر محمد إبراهيم أبو سنة .. فالجدلية هيَّ السمة المؤسسة لقصيدة أو بالأحرى لتجريب أدونيس الدائم .. ولذلك فالقصيدة عنده تندرج تحت مفهوم الرؤيا..بينما القصيدة عند الماغوط ورفاقه أو بعضهم تتسم بالشفوية التي تهتم بالوقائع والجزئيات..
  وانطلاقًا من تحليل المفكر السوري جمال باروت كُتبت الهيمنة لهاتين القصيدتين..ولن يؤدي تضادهما الظاهر إلى تفتيت الأرض الصلبة التي يقف عليها هذا الصرح المئوي لقصيدة النثر .. والذي يدفعني دومًا إلى الإذعان بقبوله بالرضا أو السخط لأنه صار يشكل نافذةً إبداعية ثالثة.. وإن رفض شعراء النثر هذه التراتبية، كما يرفضون التواجد كفصيل واحد بصوت واحد، لأنهم في الواقع أصوات متعددة موزعة في تضاريس الخريطة العربية الثقافية .. ولن يكلوا أو يملوا من أجل ارساء مفهوم قصيدة النثر حتى تحتل مكانتها في المناهج المدرسية، ويبحثون لها عن الألحان المناسبة حتى يُتغنى بها..
وفي الختام أظن أن السؤال الجوهري الذي يظل مطروحًا ويجب أن يُستـثار هو:كيف ترقى قصيدتنا اليوم؟ أو  كيف نؤسس شعرية متطورة بحق وألفة؟!

   الذي استدعى أسئلة وإجابات ذلك الحوار هو حوار آخر تم بيني وبين الأديب  صلاح جاد سلام نائب رئيس الاتحاد العالمي للثقافة والآداب، والشاعر والعروضي الأستاذ خشان محمد خشان مؤسس العروض الرقمي، في هجوم مباغت من الأستاذ صلاح يستنكر وجود تلك "الأزعومة" أي "قصيدة النثر" التي يراها هجينًا بين الشعر والنثر، ويرى أن الجهود يجب أن تتضافر لوأدها باعتبارها مسخ ممنهج ومغرض، وهذا عين ما يراه الأستاذ خشان من أن مصطلح "قصيدة النثر" لا يمكن تصوره في العربية إلا ذو عقلٍ مشروخ اختلط فيه حابل الشرق بنابل الغرب، اللغة العربية بأصالتها نبع جمال، متفاعلن = م 1 ت 1 فا 2 علن 3 = 1 3 3؛ إذ للشكل تداعياته حول تعبير "قصيدة النثر" ذات الشاعرية، الذي يقابله تعبير "الوردة المبعثرة" ذات العطر. الرائحة الزكية لكل من قارورة العطر وقطعة القماش المبللة بالعطر لا يجعل أيًا منها وردة. فكيف في حال لم تكن رائحة منهما كذلك! البلاستيك المصنوع على شكل وردة لا عطر له، لابد من العطر والشكل في الوردة الطبيعية، تعبير "قصيدة النثر" يناظره من حيث الشكل تعبير الوردة المبعثرة، وللجوهر أو المضمون شرفهما في نثر كان أو في شعر.

     كان ردي في أكثره إحالة على ما ذكرته في إجاباتي في حوار الاتحاد والذي صدر في كتاب لي بعنوان "حاورتهم وحاوروني" عن دار حروف منثورة للنشر، والذي أكدتُ فيه على فكرة تجاور الأجناس الأدبية، وأن الاعتراض على جنس أدبي لا يأتي بالسعي لمحوه، وأسلوب الإقصاء ثبت فشله، وأقله في تلك اللعنات التي يصبها ليل نهار الذين يزودون عن العربية الفصحى ضد العامية التي ينعتونها بأوصاف لا تقل في شناعتها من تلك التي يسمون بها قصيدة النثر وأكثر، ومع هذا فلم يزحزحونها قيد أنملة عن مكانها، وقد تناولت هذا في مقالي "فزاعة العامية"، ذلك إيمانًا مني بالتعددية الثقافية داخل المنظومة والهوية الثقافية والمعرفية للمجتمع.

   ومثلما أفلحت قصيدة التفعيلة في الامتداد على سطح الإبداع الشعري، صار لقصيدة النثر اليوم مساحتها المعترف بها، وصار لها مجلاتها، ومكانها في المجلات الشعرية والأدبية، وصار لها نقادها وجمهورها، ومهرجاناتها التي بدأت في 2007 في سوريا في المركز الثقافي الروسي، وبعده بعامين انطلق من القاهرة 2009 الملتقى الأول لقصيدة النثر، وبعده  بعام  انطلق مهرجان قصيدة النثر ضمن فعاليات "كركوك" عاصة للثقافة العراقية لعام 2010، وفي الأردن  أطلق عام 2011 عامًا للثقافة في "محافظة درعا" لتكون باكورة هذه الانطلاقة "مهرجان اليرموك الشعري الأول للقصيدة النثرية"، وبعده بعام فازت بمدينة طنجة بالمملكة المغربية الأديبة المصرية ميمي قدري بوسام العرب الخاص عن قصيدة النثر ضمن فعاليات مهرجان القلم الحر للإبداع العربي، وفي نفس العام انطلقت بالبصرة العراقية فعاليات "ملتقى قصيدة النثر الثاني، دورة السياب"، تحت شعار "قصيدة النثر مستقبل الشعر العربي الحديث"، وبعده بعام انطلق مهرجان قصيدة النثر في مراكش المغربية لعلم 2013، وبعده بعام أي في 2014  افتتح مؤتمر قصيدة النثر المصرية دورته الأولى، بمشاركة 30 صوتا شعريًا مصريًا من شعراء قصيدة النثر، بـ (أتيليه القاهرة)، وفي عام 2015 أقيم مهرجان قصيدة النثر ولأول مرة في مدينة "المحمرة" الأحوازية المحتلة بحنوب غرب إيران، كما انطلق في نفس العام أكبر مهرجان لقصيدة النثر في السعودية من خلال مهرجان بيت الشعر الأول بفرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، وأخيرًا، وفي نفس العام شارك الشاعران المصريان أمجد ريان ومحمود خيرالله في مهرجان الشعر المتوسطي الأكبر، الذي يقام كل عام تحت اسم "الشعر ــ أصوات حرة"، في مدينة "سيت" الفرنسية، وهو المهرجان الذي يجتمع فيه شعراء وفنانون من جميع ضفاف المتوسط، يشاهدهم ويتفاعل معهم جمهور عريض، ومن المعلوم أن أمجد ريان أحد أبرز شعراء جيل السبعينيات في القصيدة المصرية، ومن أوائل الذين كتبوا قصيدة النثر الجديدة، كما أن محمود خيرالله أحد شعراء قصيدة النثر المصرية، وفي عام 2016 الحالي وتحت شعار "في الإبداع متسع للجميع" انطلقت في السابع عشر من يناير فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر قصيدة النثر المصرية، والذي شارك فيه باقة من الشعراء والباحثين المصريين على مدى ثلاثة أيام في أتليه القاهرة.

   من خلال هذا العرض التاريخي لبعض مهرجانات وملتقيات وفعاليات ومؤتمرات "قصيدة النثر" التي لم يكد يخلُ منها عام بل أحيانًا ما يحتوي العام الواحد أكثر من فعالية ونشاط في أماكن متفرقة من الوطن، أعتقد أن فكرة "وأد" تلك القصيدة ضربٌ من خرافة، وأن العمل على محاربتها وطردها من المشهد الثقافي والإبداعي العربي صار عملًا مستحيلًا بعد أن ارتبطت بالحضور العالمي في المحافل الدولية، والذين يصرون على محاربتها لم يتكاتفوا ويتعاضدوا تجاه "قصيدة الومضة"، و"شعر الهايكو"، وفات أستاذنا خشان أن السوق يتسع الآن للورد الطبيعي والورد البلاستيكي، ولم يطرد أحدهما الآخر ولا هو بمستطيع إن فعل، وكل ما توافقا عليه هو حسن الجوار المشترك في فاترينة العرض تاركين مهمة الانتقاء والاختيار لذائقة المتلقي.