نداء الروح
الآن والآن فقط أدركت ما كان
عنه يحدثها عن طبيعة العلاقة بينهما ومدى قوة ارتباط المسافات .
ضاقت بها الأرض و فقدت لغة الحوار معناها بينها وبين كل ما حولها
من كائنات فتوجهت إلى السماء بعينين دامعتين تبحث عن توأم الروح الذى رحل دون وداع
أو سلام معتمداً على ذاك الميراث الانسانى الغالي له بداخلها من ( مواقف - وضحكات – وابتسامات – وأنات – ولحظات من الحزن
الصامت الذى ذبحهما معا من قبل سنوات وسنوات من قسوة البعد وطول المسافات .)
فجاءها صوته الرخيم الودود الهادئ كعادته مغلفاً بنوع من الشجن
الحزين قائلاً :
الروح : وصل بموصول هذا
الذى بيننا
هي : بلهفة المشتاق --- وغيابك أو رحيلك لن يقطع وصلنا
الروح : ألم تفقدي بعد إيمانك بصدق ارتباطنا و تأخذك الدنيا بكثرة
متاعبها بعيداًعنى بل عنك لأنك منى وبك كنت أنا هو أنا وليس شيء أخر يا كل عمري .
الروح : بك كنت أحيا فى
عالم ( روحي – صوفي – نوراني )تتبدل فيه
الأحوال ما بين حب و عشق وسمو وارتقاء
ظللت عمراً كراهب فكر كل
متعته أن يرسمك بحروفه النورانية داخل دوائره الفكرية ولم يجد لك بديلاً يا شجرة الياسمين وكان حرصي عليك داخل حرفي
هو قمة الروعة والوفاء
وتارة كنت أتحول لمجنون بهواك يغار منه فرسان العشق العذري
الأوفياء لأنني أنا العاشق الدائم دونما وصل منك أو وعد بلقاء فقط هو حبي لك
والدعاء .
الروح : وكثيراً رأيتك بعين قلبي – إيزيس – نعم إيزيس التي حتما
يوماً ما ستأتيني لتلملم أشلاء وجداني المبعثرة
وتروى ظمأ حرماني بشهد فمها وأريج عطرها
القوى الفواح ولطالما حدثت نفسي بأنك يوماً ستأتيني حتى ولو بعد رحيلي .
وكيف لا – وأنا من مت مراراً من قبل فى بعدك عنى وعزائي الوحيد كان
فى صدق يقيني بأن يوماً ما ستتبدل الأحوال بيننا وها هو اليوم --- ولكني أخشى القادم يا أنا .
هي : مما تخشى وأنا الآن أنت كما كنت أنت من قبل أنايا أنا وما
بيننا سيظل فينا ساكناً روحينا ما بقى من عمرنا .
الروح : أخشى القطيعة منك برحيلي .
هي : بحزن شديد وصوت خفيض --- كيف القطيعة بيننا ؟--- وأنا التي خبأتها عن العيون كخبيئة فرعونية
نادرة الوجود فى قاع قلبك المكلوم طيلة عمرنا ؟
هي : كيف القطيعة بيننا ؟ --- وأنا التي توجتها بحروفك الذهبية
كملاك سابح فى عالمك الفكري والروحي يا
أنا .
هي : كيف القطيعة بيننا ؟ --- يا طائر الحب الحزين وقد ذابت مسافات
الفواصل بيننا وكأننىأودعت جزءً منى ليقبر معك
يوم أن رحلت إلى مثواك – وكأنك تركت جزءً منك ليسكن روحي فيه بعض منك لكي
نظل دائماً وأبداً حبيبين فلم أعد أدرك
حقاً من منا يحيا ومن منا قد مات .
الروح : ألم أخبرك من قبل يا قرة عيني ولم تصدقيني أنه لا جدوى من
طول أسوار تلك المسافات الرهيبة بيننا – فمهما تباعدت المسافة لابد وحتما ًمن نقطة
لقاء بكل حنو وعطف ستضمنا كما تضم الأم الحنون رضيعها فى برد الشتاء " وها هي
يا توأم روحي نقطة تلاقينا الأخيرة "
الروح : فلتسعدي ولتهدئي --- تحررنا من كل القيود ولم يعد للمسافة
معنى بيننا فالآن فقط تلاشت كل المسافات وستنتهي كل العذابات العميقة التي حبسناها
بداخلنا حتى ضاقت بها أجسادنا
وأخيراً " حبيبتي " إذا غلبك الحنين ورأيت الدموع فى
عينيك العميقتين يوماً--- ناديني وأنا على الفور سألبى النداء .
# عزة أبو العز #
القاهرة 5-1-2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق